دكتوره / اسراء سمير استشاري التنميه البشريه تكتب عن أثر الطلاق على الأسرة والمجتمع والضغوط المرافقة له ومعاناه الأطفال منه

 تعريف الطلاق:

فالطلاق كما هو معرّف في القانون هو حل ميثاق الزوجية يمارسه الزوج والزوجة، كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء. يعرف أيضًا الطلاق باسم (فسخ الزواج) هو عملية إنهاء العلاقة الزوجية أو الارتباط الزوجي. عادة ما يستلزم الطلاق إلغاء أو إعادة تنظيم الواجبات والمسؤوليات القانونية للزواج وبالتالي فسخ روابط الزواج بين الزوجين بموجب القانون.

سنتحدّث في هذا المقال عن الآثار السلبية للطلاق على الأسرة والمجتمع والضغوط التي ترافق هذا الطلاق، وبعض الإرشادات من أجل الحصول على طلاق مريح خالٍ من المشاكل والخلافات بين الزوجين من جهة وبينهم وبين أطفالهم من جهةٍ أخرى.

أوّلاً: آثار الطلاق على الأسرة والضغوط المرافقة له

للطلاق آثار سلبيّة عديدة تَلْحَق بجميع أفراد الأسرة من زوج وزوجة وأولاد وبِنِسَب مُتفاوتة، كما ترافقه ضغوط نفسيّة ومجتمعيّة شديدة تُلحق ضراراً بجميع أفراد الأسرة المفككة.

1. آثار الطلاق على الرجل:

ذهبت بعض الدراسات إلى أنّ الرجل يتأثَّر بالطلاق بشكلٍ أكبر مُقارنةً مع المرأة على المدى القصير بعد الطلاق، وذلك بشكلٍ خاص فيما يتعلق بأمور الحياة اليوميّة والتدابير الذاتيّة بعد أن يكون غالب اعتماده على زوجته قبل الطلاق. بينما تكون الآثار النفسيّة والجسديّة مُتشابهة بين الرجل والمرأة نوعاً ما على المدى التوسّط والبعيد. ومن هذه الآثار:

صعوبة الاندماج من جديد في المُجتمع والعائلة.

الضغوط النفسيّة والاجتماعيّة التي تُصاحب مرحلة الطلاق والتي قد تؤدّي لعدم قدرة الرجل على الاستقرار بوظيفة ما، وقد يتفاقم الأمر لحد فقدانه لوظيفته.

مُعاناة الرجل من حالة نفسيّة سيّئة والشعور بالإحباط واليأس.

قد يصل الطلاق بالرجل إلى الانحراف وتناوُل المخدّرات والخُمُور كمحاولة منه لنسيان مشاكله.

مشاعر الوحدة العاطفيّة حيث يصعب على الرجال العيش بدون شريكة حياة مُقارنةً بالنساء.

البُعد عن الأولاد ومُعاناة الرجل من قلّة التواصل في حال كانت الحضانة لأمّهم، ممَّا يُشعره بأنّه أصبح بعيداً عنهم ولم يعد جزءاً مهمَّاً في حياتهم ولم يعد بإمكانه مشاركتهم حياتهم والأحداث المهمّة فيها، وسيكون عليه رؤيتهم في مواعيد محدَّدة.

غالباً ما يندم الرجل على وقوع الطلاق بسبب ما خلَّفه من آثار سلبيّة على حياته وحياة عائلته.

غالباً ما يواجه الرجل صعوبات في خوض تجربة الزواج مرّةً أخرى ورفضه من قِبَل المجتمع بوصفه رجلاً مطلّقاً لهُ ماضٍ.

آثار الطلاق على المرأة:

غالباً ما تُعاني المرأة بشكلٍ كبير بعد الطلاق من حيث نوعيّة الحياة وشكلها واختلافها عمّا سبق، أو من ناحية العاطفة، فللطلاق العديد من الآثار السلبية على المرأة منها:

مُعاناة المرأة من الضغوط الماديّة، ويكون ذلك بشكلٍ خاص في حال كانت هي الحاضنة لأطفالها وتتكفّل برعايتهم بدون مساعدة من طليقها.

مُعاناة المرأة عاطفيّاً من شعور بالوحدة والأذى وعدم الأمان العاطفي.

الضغوط المجتمعيّة والنفسيّة التي تُعاني منها المرأة نتيجة نظرة المجتمع المتخلِّفة والقاسية للمرأة المُطلّقة، وعدم الإقدام على الزواج منها، وإطلاق التهم والأحكام عليها بأنّها ليست شخصاً جيّداً.

غالباً ما تشعر المرأة بالذنب والقلق تجاه أطفالها نتيجة تفتيت الأسرة وبشكلٍ خاص في حال كانت هي من طلب إنهاء الزواج والطلاق من زوجها، كما أنَّها قد تشعر بهذه المشاعر حتّى لو كان قرار الطلاق خارجاً عن إرادتها تماماً، فقد تلوم نفسها بالتقصير وعدم المُحاولة بشكلٍ كافي لاستمرار علاقة الزواج وإنجاحها.

الإصابة بالاكتئاب فغالباً ما تشعر المرأة بالحزن الشديد نتيجة لفقدان زوجها بشكلٍ مُفاجئ، حيث يعني هذا نهاية لحياة الاستقرار مع زوجها، كما قد تشعر بالقلق والتوتُّر بشكلٍ كبير من المستقبل المجهول.

معاناة المرأة وحزنها الشديد في حال حرمانها من أولادها، إذا كانت حضانتهم لأبيهم.آ

ثار الطلاق على الأطفال:

غالباً ما يكون الأطفال هم أكثر المتضرِّرين من الطلاق، حيث يكون وقع انفصال والديهم مؤلماً وصعباً وبشكل خاص إذا كان هنالك الكثير من المشاكل في العلاقة بين الوالدين خلال الفترة التي تسبق الطلاق.

الآثار النفسية لانفصال الوالدين عن الطفل:

فالطلاق سينجم عنه تغيير في عادات وروتين حياتهم، فقد يتطلب الوضع الجديد تنقُّل الأطفال بين منزلي الوالدين، وبالتالي يفتقد الطفل للشعور بالاستقرار ويصعب عليه التكيُّف مع الوضع الجديد وقبوله.

ووفقاً للكليّة الملكيّة للأطباء النفسيين في بريطانيا، قد يتأثَّر الأطفال بالآتي:

إحساس الأطفال بالفقد حيث أنّ الانفصال لا يعني فقدان المنزل بل فقدان الحياة بأكملها.

الشعور بالغربة وعدم قدرة الطفل على الانسجام مع الأسرة الجديدة في حال تزوّج أحد الوالدين.

شعور الطفل بالخوف من أن يتركه والديه وحيداً.

شعور الطفل بالغضب من أحد والديه أو كِلَيْهِما.

قد يشعر الطفل بالذنب والمسؤوليّة عن انفصال والديه، وهذا الاعتقاد قد يصل به إلى الشعور بالذنب والإحباط.

شعور الطفل بعدم الأمان والغضب والرفض.

شعور الطفل بالتشتُّت بين الأب والأم.

الاضطراب السلوكي لدى الطفل:

كما تُشير الأبحاث إلى أنَّ الأطفال الذين عانوا في مرحلة الطفولة من التفكُّك الأسري وطلاق الوالدين يكونون أكثر عرضة للمشكلات السلوكيّة، والأمراض النفسيّة، إضافةً لمشاكل بالتحصيل الدراسي، وغيرها من الصعوبات الاجتماعيّة العديدة بسبب غياب السلطة الضابطة للطفل.

مظاهر الانحراف الاجتماعي لدى الطفل:

الطلاق يحرم الطفل من النمو بشكلٍ طبيعي في ظلّ رعاية والديه وقد يزداد بشكلٍ كبير إذا كان الطفل صغير السن. هذا الحرمان للطفل يتعدَّاه إلى سلوكه الاجتماعي حيث يدفعه إلى الانحراف ومن أهم مظاهر هذا الانحراف:

هروب الطفل من المنزل أو المدرسة.

قد يعاني الطفل من النشاط الزائد والقلق والاكتئاب وقد يصل لمرحلة الانحراف والإدمان.

السلوك العدواني من الطفل ضد الآخرين تعبيراً غير مباشر عن عدم الرضا.

انعدام الاستقرار النفسي و العاطفي لدى الطفل:

يُعاني الطفل من انعدام الاستقرار النفسي والعاطفي في حال تربيته من قِبَل الأقارب، فيتولَّد لديه بالتالي شعور بالنقمة بسبب ابتعاده عن أمّه. ويزداد الأمر سوءاً إذا كان هؤلاء الأطفال من الإناث. وفقاً لنتائج دراسة هولنديّة فإنَّ الفتيات يعانينَّ أكثر من الأولاد، فالفتيات أكثر حساسيّة تجاه الأجواء الأسريّة غير المستقرَّة والأولاد الذين يعيشون في أسر تكثر فيها المشكلات يكونون أكثر عدوانيّة.