يسرد كتاب «فاتن حمامة » للكاتبة زينب عبد الرازق ، التى ألقت الكاتبة، إحدى الرسائل من والدها أحمد حمامة التي يظهر فيها جانبًا غريبًا في حياة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة ، وفيه أن والدتها على الرغم من كونها أحد السيدات المثقفات لكنها كانت تؤمن بالحسد إيمانًا عميقًا ، وأن صدفيتين في منتهى الغرابة تحكمتا في مصير فاتن حمامة ودفعها إلى الفن دفعًا .. وكأن رسائل قدرية كانت هي السبب في تحديد قدر السيدة فاتن حمامة .. وقد قال والدها في رسالته :
كتاب فاتن حمامة
وكانت الصدفة الأولى في تحديد مسار فاتن حمامة
وتصادفت أن نقلت للعمل في المنصورة في اللحظة التي أرسل فيها محمد كريم خطابا يستدعيني للاتفاق معي على أن تعمل ابنتي في السينما، ولكن الرسالة لم تصلني وردت إليه ثانية . وحدث أن جاء محمد كريم في تلك الفترة إلى المنصورة ليحضر عرض أحد أفلام محمد عبد الوهاب. وعندما سمعت بوجوده ذهبت لأزوره . وما كاد أن يراني حتى صاح : انت فين ؟ أنا بعت لك جواب ولم تستلمه ! واتفق معي كريم على أن أزوره في القاهرة لتوقيع الاتفاق ، وهنأني لأن ابنتي هي أذكى طفلة في الدنيا .
فاتن حمامة
صدفة يوسف وهبي في حياة فاتن حمامة
وبدأ العمل في فيلم (يوم سعيد) وهو أول فيلم تظهر فيه فاتن وكان الدور في البداية صغير جدًا ولكن إعجاب كريم بفاتن وذكائها جعله يطيل الدور حتى أصبح دورًا بارزًا في الفيلم. وفي أثناء تصوير الفيلم أبدى المسئولون في استوديو مصر رغبتهم في احتكار جهود فاتن ، وما كاد كريم يسمع بهذه الرغبة حتى سارع يتعاقد معي على أن تظهر فاتن فلمين جديدين لعبد الوهاب. وظهرت فاتن بعد ذلك في عدد من الأفلام . ثم شرع يوسف وهبي في إخراج فيلم (ملائكة الرحمة)، وكانت شركة النحاس فيلم قد جاءت بفتاة من لبنان حاولت أن تجعل منها ممثلة بلا جدوى .. وذهب يوسف وهبي مصادفة ليشاهد فيلم مصادفة ليشاهد فيلم (رصاصة في القلب) وشاهد فاتن تمثل فيه ،وذهبت أنا وفاتن لنقابله وما كاد يراها حتى قال لي :
بكرة فاتن هتشتغل في الفيلم .
وفيما يتعلق الحسد في حياة فاتن حمامة.. كانت ابنتي فاتن لامعة الذكاء منذ طفولتها. كانت أذكى طفلة في العائلة حتى إن والدتها كانت تخشى عليها من الحسد ، ولكنها لم تكلف نفسها هذا العناء الضائع في صنع التعاويذ والأحجبة لكي تحفظ (فاتن) من الحسد، لم يتعدَّ الأمر حد الخوف لأن أم فاتن كانت مثقفة .
وعندما كانت فاتن في السادسة من عمرها كانت موضع حب سيدات الأسرة جميعًا ، وكانت إحداهن كلما ذهبت إلى السينما صحبت فاتن معها ، وكانت فاتن تعود من السينما وتجلس إليَّ لتروي قصة الفيلم بتسلسل عجيب .. لم يكن يفوتها مشهد واحد، ثم تعقب تلخيصها للقصة بأسئلة عن الهدف الذي ترمي إليه .. وهذه هي أولى الدروس ومعرفة نواحي القوة والضعف في كل فيلم لأنها كانت ناقدة بفطرتها .
وكانت فاتن لا تمل مشاهدة الأفلام مع هذه السيدة أبدًا ، بل كانتا أحيانًا تدخلان السينما في حفلتين متعاقبتين ، حفلة الساعة الثالثة ثم حفلة الساعة السادسة وتعود فاتن أكثر نشاطًا وأكثر تفتحًا لمذاكرة دروسها . وكانت لي هواية هي تصوير فاتن في مشاهد ومواقف مختلفة ومازلت أحتفظ بألبوم حافل من صور فاتن وهي بين الخامسة والسابعة . وكما قلت كانت فاتن ذكية لماحة تفهم ما أعنيه دون إفصاح . وفي أثناء زيارة بعض الأقارب لنا ذات مرة ، نظرن إليّ فاتن نظرة فهمت منها ما أعنيه على الفور ، ولم تتمالك إحدى السيدات نفسها فقالت :
وضحكنا وعقب أنا ضاحكا قائلًا : إنني سأقدم فاتن للسينما فعلًا ! وبالطبع لم أكن أعني ما أقوله ولكن الأمر لم يلبث أن أصبح جدًا . كنت قد أرسلت صورة لفاتن وهي ترتدي ثياب الهلال الأحمر إلى المسابقة التي نظمتها مجلة (الاثنين) لاختيار أجمل طفلة، وفوجئت بفاتن تفوز بلقب أجمل طفلة ! وبعد أيام من نشر الصورة تلقيت خطابا من المخرج محمد كريم يستدعي لمقابلتي أنا وفاتن . وبعد أيام وقفت فاتن تؤدي الامتحان أمام كريم الذي أعجب بها وقال لي إنه سيخطرني عند البدء في تصوير الفيلم الذي سيحتاجون فيه إلى طفلة .
فاتن حمامة
فاتن حمامة